لماذا موقع رؤى؟
لم يعد المجال الفكري أو التصور لرؤيا معينة شأناً خاصاً بنخبةٍ هامشيةٍ تجتمعُ في صوالين أدبيةٍ خاصةٍ ومؤتمراتٍ سنويةٍ ، ولم تعد المفاهيم الفكرية مصطلحات فنية غير مفهومة لعموم المجتمع، بل أصبحت (اللغة الفكرية) أو(الرؤيا) اليوم هي لغة التواصل الاجتماعي الرئيسة التي تتصارع القوى الاجتماعية لضخ تصوراتها المنهجية من خلالها وتقديمها للمستهلك النهائي.
واللغة الفكرية أو رؤيا للأشياء ليست مجرد أدوات محايدة كما يتصور الكثيرون، بل هي تحمل مخزوناً مضمونياً هائلاً يؤثر جوهرياً في إحداثيات الرؤية وحدود المنهج.
ولا يرتاب المتابع أن ثورة المفاهيم الفكرية المعاصرة ارتبطت مركزياً بثورة نظم الاتصال المعاصرة، فصار رموز التأثير الاجتماعي في الفضائيات وشبكة الإنترنت والصحافة يتنافسون في صياغة التصورات العقدية والفقهية والمنهجية من خلال الأدوات وأساليب المعالجة الفكرية، وهذا ما يفسر ارتفاع الطلب الجماهيري المفاجئ على الكتب الفكرية في معارض الكتاب، والتهام الجدل الفكري لجزء كبير من مجالس الشباب اليوم، وهذا الانتشار الكبير لمختلف الأفكار الفلسفيّة والحداثيّة بتفاصيلها ومذاهبها وكذا المشاريع النقديّة بروادها ومؤلفيها والمباحث الحقوقية والسياسية وغيرها، لتحتل مركزاً متقدماً في سلم الأولويات لجيل اليوم.
وهذا الواقع يستتبع مهمةً مزدوجةً:
أنه لا يمكن فهم واستيعاب التكوين المفهومي الاجتماعي إلا من خلال فهم واستيعاب اللغة الفكرية التي شكلته وصاغته، فالجيل الجديد يستقبل ويرسل وفق منطق فكري معين لا يمكن التعاطي معه دون استيعاب هذا المنطق ذاته، فاستيعاب هذا المنطق والتفاعل معه بات ضرورة دعوية وتربوية وعلمية.
أخوكم عادل اسريري
هيئة التحرير بموقع رؤى