رشيد نيني و حسن أوريد

رشيد نيني يرد على حسن أوريد

 

 

 كل من قرأ العنوان المثير الذي اختاره مؤرخ المملكة السابق السيد "حسن أوريد" لرده المنشور في جريدة "الصباح" على ما كتبناه بصدد ثروته والممتلكات التي أصبح يتوفر عليها أفراد من عائلته فجأة، اعتقد أن الرجل سيخصص رده لتوضيح الملابسات التي حصل فيها "آل أوريد" على‭ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الممتلكات‮ ‬والعقارات‮ ‬والأراضي‮ ‬التي‮ ‬تحدثنا‮ ‬حولها‮ ‬في‮ ‬عمودنا‮ ‬السابق‮ ‬الذي‮ ‬حمل‮ ‬عنوان‮ "‬صكوك‮ ‬الثورة‮".‬ لكن‮ ‬الرجل،‮ ‬في‮ ‬الواقع،‮ ‬فضل‮ ‬الاحتماء‭ ‬بالإنشاء‭ ‬عوض‮ ‬وضع‮ ‬النقط‮ ‬على‭ ‬الحروف‮ ‬وتقديم‮ ‬الدليل‮ ‬الواضح‮ ‬على‭ ‬مصادر‮ ‬ثروته‮ ‬الكبيرة،‮ ‬والتي‮ ‬يسجل‮ ‬جزءا‮ ‬كبيرا‮ ‬منها‮ ‬بأسماء‭ ‬أفراد‮ ‬من‮ ‬عائلته‮.‬ يستطيع السيد حسن أوريد أن يستشهد بكل شعراء وروائيي الأدب العالمي، فهذا لن يجعل سكان مكناس ينسون اللقب الذي أطلقوه عليه عندما غيروا اسمه من "حسن أوريد" إلى "حسن أويد". وعندنا نحن الشلوح فكلمة "أويد" تعني آتِني، أي "جيب". وهذا اللقب لم يخترعه سكان مكناس من فراغ،‮ ‬بل‮ ‬لأن‮ ‬مقاوليهم‮ ‬ومستثمريهم‮ ‬كانوا‮ ‬يعرفون‮ ‬أن‮ ‬الرخص‮ ‬الاستثنائية‮ ‬التي‮ ‬تمنحها‮ ‬الولاية،‮ ‬والتي‮ "‬مخمخ‮" ‬فيها‮ ‬حسن‮ ‬أوريد،‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬الحصول‮ ‬عليها‮ ‬دون‮ ‬أن‮ ‬يأتوا‮ ‬معهم‮ ‬بالإتاوة‮.‬ وقد كنا ننتظر كل شيء من جانب السيد "حسن أويد" إلا أن ينحط في رده إلى مستوى الكلام السوقي المخل بالحياء، جامعا، في مقام واحد، ما بين دين محمد، عليه أزكى الصلاة والسلام، وما بين النبيذ وفحش الكلام. فأن يتساءل استنكاريا مؤرخ المملكة السابق والناطق السابق باسم القصر الملكي " ما قولك في من تتعفف عن تقديم مقدمتها إبقاء لبكارة مزعومة وتبذل مؤخرتها"، يجعلنا نتساءل هل كتب "حسن أويد" ما كتبه وهو صاح أم إن قنينات نبيذ صديقه المكناسي "الحاج زنيبر"، التي تصله إلى فيلته بالهرهورة في المناسبات بانتظام، لعبت برأسه. لن ندخل مع السي "حسن أويد" في مهاترات لغوية ومراوغات إنشائية حول فض البكارات في الليالي الملاح، كما لن ننجر نحو الإسفاف الأخلاقي الذي يجعله يقحم المؤخرات في حديث خطير وجدي حول الممتلكات والاغتناء غير المشروع.. هذا الاغتناء الذي يخلط إمساكه عن الحديث حوله برغبته‮ ‬في‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‭ ‬أسرار‮ ‬الدولة،‮ ‬وكأن‮ ‬الممتلكات‮ ‬الخاصة‮ ‬للسي‮ ‬حسن‮ ‬أصبحت‮ ‬ضمن‮ ‬الملفات‮ ‬السرية‮ ‬للدولة‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬يجب‮ ‬الحديث‮ ‬حولها‮ ‬خوفا‮ ‬من‮ ‬استغلالها‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬أعداء‭ ‬الوطن‮.‬ لن ندخل عالم السيد "حسن أويد" السري، فهو خبير كبير في جلسات "الإمتاع والمؤانسة" إياها، مع الاعتذار إلى الصوفي أبو حيان التوحيدي، خصوصا بجنان الماس وأجدير في نواحي خنيفرة بصحبة صديقه "شويحات" عامل الإقليم، الذي تفرغ لسهراته مع الوالي وترك فقراء أنفكو يموتون‮ ‬من‮ ‬البرد،‮ ‬إلى‭ ‬أن‮ ‬فضحت‮ ‬الصحافة‮ ‬قوافل‮ ‬الأطفال‮ ‬الذين‮ ‬ماتوا‮ ‬بسبب‮ ‬الإهمال‮ ‬والمرض،‮ ‬فأصدر‮ ‬الملك‮ ‬قرارا‮ ‬بإعفائه‮.‬ كما‮ ‬أنه‮ ‬خبير‮ ‬كبير‮ ‬في‮ ‬جلسات‮ ‬المسامرة‮ ‬التي‮ ‬تنتهي‮ ‬بتوقيع‮ ‬التراخيص‮ ‬للاستفادة‮ ‬من‮ ‬أراضي‮ ‬الدولة،‮ ‬كما‮ ‬حدث‮ ‬مع‮ ‬شركة‮ ‬اسمها‮ ‬ABR عندما أعطى صاحبها الركراكي أملاكا خاصة تابعة للدولة، منها الملك رقم 12940 الذي تبلغ مساحته أربعة هكتارات في مفترق الطرق بين فاس والرباط، بعدما نزعوها من مستثمر كان يتوفر على الموافقة المبدئية، أو مثلما حدث عندما حوّل السيد "حسن أويد" حيا إداريا تابعا لملك‮ ‬الدولة‮ ‬الخاص‮ ‬إلى‭ ‬حي‮ ‬سكني‮ ‬في‮ ‬إفران‮ ‬لصالح‮ ‬الشركة‮ ‬المحظوظة‮ ‬نفسها‮.‬ وبما‮ ‬أن‮ ‬المجال‮ ‬لا‮ ‬يتسع‮ ‬لنظم‮ ‬الشعر‮ ‬وقرض‮ ‬القوافي،‮ ‬كما‮ ‬يحب‮ ‬السي‮ ‬حسن‮ ‬ذلك،‮ ‬فإننا‮ ‬سنعطي‮ ‬الأرقام‮ ‬والأسماء‭ ‬لعل‮ ‬المعني‮ ‬بالأمر‮ ‬يتحلى‭ ‬بالشجاعة‮ ‬الأدبية‮ ‬ويقدم‮ ‬ما‮ ‬ينفي‮ ‬عنه‮ ‬التهمة‮.‬ هل يستطيع السيد "حسن أويد" أن ينفي منحه لصديقته مريم عبابو، ابنة الكولونيل الانقلابي محمد عبابو قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد الحسن الثاني في قصر الصخيرات، لبقعة أرضية مساحتها 93 مترا مربعا في منطقة "ويسلان" بعمالة مكناس، والمسجلة في المحافظة العقارية‮ "‬المنزه‮" ‬تحت‮ ‬رقم‮ ‬TF107826/05، بينما كانت هذه البقعة الأرضية مخصصة أصلا لفائدة أحد قدماء لاعبي "الكوديم" الذي يعرفه "أويد" جيدا بحكم أنه طلب من رئيس النادي، القادري، التنحي لصالح صديق أوريد الحميم زنيبر "مول الروج"، فرفض هذا الأخير. وعندما جاءت انتخابات مجلس المستشارين، طلب "حسن أويد" من القادري عدم الترشح، وكان آنذاك برلمانيا ورئيس الغرف الصناعية ورئيس غرفة التحضير للمعرض الفلاحي، فرفض القادري الامتثال لطلب الوالي، وترشح ونجح، فبادر "أويد" إلى الطعن فيه وأزيل من منصبه. وهكذا استطاع الاستفراد بمعية صديقه الحميم الملياردير زنيبر، "ملك النبيذ"، بصفقة إعداد المعرض الفلاحي، وشرع يفاوض المشاركين حول أمكنة العروض ولائحة المرشحين للجوائز، إلى أن انتفض أحد "كبار" المقربين من دوائر القرار، وفضح المستور، فكان ذلك أحد أسباب التعجيل بالإطاحة بالوالي من جهة مكناس تافيلالت. ولعل الفضيحة الكبرى في قضية الأرض التي منحها "حسن أويد" للسيدة "مريم عبابو" هي أن هذه البقعة الأرضية تم اقتناؤها من طرف صديقة السي حسن، بثمن لا يتعدى 18.600 درهم، وبيعت في الأسبوع نفسه بسعر وصل إلى 250.000 درهم، أي أن السيدة ربحت بفضل كرم وجود السي "حسن أويد‮" ‬ربحا‮ ‬صافيا‮ ‬قدره‮ ‬230‭.‬000‮ ‬درهم‮ ‬في‮ ‬ظرف‮ ‬أسبوع‮.‬ وإذا كان سعادة الوالي قد حرم لاعبا سابقا من لاعبي "الكوديم" المكناسي من الاستفادة من بقعة أرضية لصالح صديقته، فإن حارس غابة زرهون الجنوبي في الواجهة المطلة على مكناس، فقد مسكنه الوظيفي بسبب جشع وطمع السي "حسن أويد". ومن سوء حظ هذا الحارس الذي قطن منزلا غابويا جميلا بقي من حقبة الاستعمار الفرنسي، يوجد فوق هضبة مخضرة ويتوفر على شبكة الهاتف والكهرباء وبه عين مائية لا تنضب صيفا أو شتاء، أن السيد "حسن أويد" أخذ علما بوجود هذا البيت الجبلي الجميل الذي يشبه بيوت الغرب الأمريكي‮.‬ وهكذا‮ ‬قرر‮ ‬السي‮ ‬حسن‮ ‬إخراج‮ ‬الحارس‮ ‬ومساعده‮ ‬وإبعادهما‮ ‬نحو‮ ‬قرية‮ ‬بعيدة‮ ‬عن‮ ‬الغابة‮ ‬التي‮ ‬يحرسانها،‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬تحويل‮ ‬المنزل‮ ‬إلى‭ ‬منتجع‮ ‬لقضاء‭ ‬عطل‮ ‬نهايات‮ ‬الأسبوع‮ ‬مع‮ ‬أصدقائه‮ ‬المخلصين‮.‬ لكن يبدو أن نية هذا الحارس كانت أقوى من مكر "حسن أويد"، فلم يكد يجمع الحارس ومساعده أغراضهما لكي يغادرا البيت حتى كان "حسن أويد" يجمع "قلوعه" من ولاية مكناس ويلتحق بفيلته الشاطئية بالهرهورة. وإلى‭ ‬حدود‮ ‬كتابة‮ ‬هذه‮ ‬الأسطر،‮ ‬ما‮ ‬زال‮ ‬المنزل‮ ‬التابع‮ ‬للمياه‮ ‬والغابات‮ ‬فارغا‮ ‬ومغلقا،‮ ‬فلا‮ "‬حسن‮ ‬أويد‮" ‬سكن‮ ‬البيت‮ ‬الغابوي‮ ‬الجميل‮ ‬ولا‮ ‬هو‮ ‬ترك‮ ‬الحارس‮ ‬ومساعده‮ ‬يستفيدان‮ ‬منه‮.‬ وبما‮ ‬أن‮ ‬السيد‮ "‬حسن‮ ‬أويد‮" ‬يقول‮ ‬إنه‮ "‬ليس‮ ‬فوق‮ ‬المساءلة‮ ‬وفق‮ ‬شروط‮ ‬موضوعية‮ ‬ومهنية‮"‬،‮ ‬فلماذا‮ ‬لم‮ ‬يترك‮ ‬بلاغته‮ ‬السفسطائية‮ ‬جانبا‮ ‬ويجبْنا‮ ‬عن‮ ‬ملف‮ ‬النقط‮ ‬السوداء‭ ‬لتدبيره‮ ‬العمراني‮ ‬عندما‮ ‬كان‮ ‬واليا‮ ‬على‭ ‬مكناس؟ لماذا‮ ‬لم‮ ‬يجبنا‮ ‬عن‮ ‬موضوع‮ ‬صفقات‮ ‬المناطق‮ ‬الخضراء‭ ‬التي‮ ‬ظل‮ ‬يفوتها‮ ‬إلى‭ ‬زوج‮ ‬أخته‮ ‬المقاول؟ لماذا‮ ‬ضرب‮ ‬صفحا‮ ‬عن‮ ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬التراخيص‮ ‬الاستثنائية‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يوقعها‮ "‬بالعرام‮" ‬في‮ ‬مكتبه‮ ‬بالولاية؟ وبما أن الرجل لديه استعداد للمحاسبة، فليسمح لنا بأن نبدأ معه من الأول، وخصوصا في اليوم الذي حط فيه رجله بولاية مكناس، وكان أخوه لا يملك أكثر من محطتين للتزود بالوقود. هل يستطيع السيد "حسن أويد" أن يشرح لنا لماذا كان يفرض على كل المستثمرين في محطات توزيع الوقود أن تحمل محطاتهم اسم "إينوفا" شركة أخيه؟ وهل يستطيع أن ينكر أن عدد المحطات التي شيدت في عهده يبقى قياسيا مقارنة بالمدن الأخرى، وكيف انتقل عدد هذه المحطات من محطتين إلى 35 محطة اليوم، أغلبها في جهة مكناس تافيلالت، دائرة نفوذه السابقة؟ وبما أن السيد "حسن أويد" يحب الحديث عن أجهزة المخابرات، تلك التي يعتقد أنها هي من يزودنا بملفاته التي يكفي التنقل إلى المحافظات العقارية للحصول عليها، فإننا سنذكره بموضوع له علاقة بمخابرات السي الحموشي، الذي يبدو بالمناسبة أنه وقع في غرام هواتفي إلى درجة أنه‮ ‬ترك‮ ‬كل‮ ‬ملفاته‮ ‬الحساسة‮ ‬وتفرغ‮ ‬للتلصص‮ ‬عليها‮.‬ هل يستطيع السيد "حسن أويد" أن ينفي أن أخاه، الذي يدير خمارة ومطعما في شارع الأطلس بحي أكدال بالرباط اشترى عمارة "الديستي" المقابلة للخمارة لكي يقيم فيها فندقا، فرفضوا منه الترخيص رغم تدخلات الوالي المتكررة، فاتجه نحو تحويلها إلى عمارة للشقق المفروشة، تحتها‮ ‬سوق‮ ‬ممتاز؟ هل‮ ‬يستطيع‮ ‬السيد‮ "‬حسن‮ ‬أويد‮" ‬أن‮ ‬ينفي‮ ‬تفويته‮ ‬للشقة،‮ ‬التابعة‮ ‬للأحباس‮ ‬والتي‮ ‬كان‮ ‬يتخذها‮ ‬مقرا‮ ‬لمؤسسة‮ ‬طارق‮ ‬بن‮ ‬زياد،‮ ‬إلى‭ ‬أخ‮ ‬زوجته‮ ‬الذي‮ ‬يستغل‮ ‬هذا‮ ‬السكن‮ ‬بسومة‮ ‬كرائية‮ ‬لا‮ ‬تتعدى‭ ‬200‮ ‬درهم؟ هل‮ ‬يستطيع‮ ‬أن‮ ‬ينفي‮ ‬أن‮ ‬المقر‮ ‬الجديد‮ ‬للمؤسسة‮ ‬نفسها‮ ‬يوجد‮ ‬في‮ ‬شقة‮ ‬تابعة‮ ‬هي‮ ‬الأخرى‭ ‬للأملاك‮ ‬المخزنية؟ هل‮ ‬يستفيد‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬المقرات‮ "‬المخزنية‮" ‬لله‮ ‬في‮ ‬سبيل‮ ‬الله؟‮ ‬أم‮ ‬لأنه‮ ‬كان‮ ‬واليا‮ ‬سابقا‮ ‬ومؤرخا‮ ‬للمملكة؟ وكيف‮ ‬يستفيد‮ ‬هو،‮ ‬بكل‮ ‬هذه‮ ‬السهولة،‮ ‬من‮ ‬شقق‮ ‬الأملاك‮ ‬المخزنية‮ ‬والأحباس‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع‮ ‬فيه‮ ‬الفقراء‮ ‬وذوو‮ ‬الدخل‮ ‬المحدود‮ ‬ذلك؟ هل‮ ‬يستطيع‮ ‬أن‮ ‬يشرح‮ ‬لنا‮ ‬لماذا‮ ‬يوجد‮ ‬المقر‮ ‬الاجتماعي‮ ‬لمؤسسة‮ ‬طارق‮ ‬بن‮ ‬زياد،‮ ‬التي‮ ‬تخلص‮ ‬من‮ ‬بعض‮ ‬موظفيها‮ ‬بطريقة‮ ‬مخجلة‮ ‬بدون‮ ‬تعويض،‮ ‬في‮ ‬الرباط،‮ ‬بينما‮ ‬حسابها‮ ‬البنكي‮ ‬يوجد‮ ‬في‮ ‬وكالة‮ ‬منسية‮ ‬بجرسيف؟ ولماذا‮ ‬لا‮ ‬يقدم‮ ‬أي‮ ‬تفاصيل‮ ‬حول‮ ‬الحساب‮ ‬المالي‮ ‬لهذه‮ ‬المؤسسة‮ ‬التي‮ ‬تأخذ‮ ‬الدعم‮ ‬وتحظى‭ ‬بالاحتضان؟ هل يستطيع السيد "حسن أويد" الذي أعطى الانطباع بأنه جاء إلى مكناس لتصفية رئيس المجلس بلكورة، أن ينفي أنه سمح لهذا الأخير بالاستفادة من مياه واد يأتي من جهة "أكوراي"، وذلك من أجل سقي ضيعة مساحتها 30 هكتارا ببحيرة يملؤها من الوادي الذي أقام عليه سدا بعلم الوالي‮ ‬وموافقته؟ ‮"‬واش‮ ‬نزيدك‮ ‬أسي‮ ‬الفيلسوف‮ ‬ولا‮ ‬باركة‮ ‬عليك‮. ‬وسير‮ ‬كون‮ ‬تحشم‮ ‬شوية‮"

حسـن أوريــــد يوجه رد عنيف لرشيد نيني

وجه حسن أوريد في رد عنيف انتقاذات لاذعة لرشيد نيني، مدير صحيفة المساء، ووصفه بأنه مجرد “حاكي الصدى لجهات خفية”.

وقال حسن اوريد لرشيد نيني : لن يضير الحسناء أن تفتض بكارتها
وفيما يلي نص الرسالة
:

رسالة حسـن أوريــــد لرشيد نيني

“هل تقبل أن أناديك باسمك الشخصي تحببا وتوددا أسي رشيد ؟..لقد كنت أود أن أراسلك في مسائك، وخشيت أن يكون غشيه الظلام فلا تنفذ إليه رسالتي هذه، وقد سبق أن بعثت لك توضيحا قبل سنة ونيف ولم يجد طريقه إلى النور، أو لم يجد النور له سبيلا ولفه غبش المساء.

أهنئك على “سبقك” الصحفي و”دقة” معلوماتك حول مساري المهني وثروتي، وأنا هنا أتنازل لك عن ضيعاتي في مجاط وصفرو جزاء وفاقا ..هي لك مبذولة خالصة تفعل بها ما تشاء..ولو أن ثروتي أسي رشيد هي أكبر مما قدرت..ولو شئتَ لأطلعتك على جانب منها، ومنها هزئي بحطام الدنيا، والعيش لو دفعت على ( خضيرة ورقية وتميرات والخبز المورق) كأهلي من تافيلالت، غير آبه لا بالأولاد ولا المواضعات، أو أسوة بأخوالي الأمازيغ، كما قالت عنهم الشاعرة تاوكرات نايت عيسى وقد أطبق على أهلها جنود الاستعمار فآبت الاستسلام :

لو دفعتُ للطوى

لوضعت الصخر على بطني

وأكلت حبات البلوط،

أما عن دين محمد فلن أحيد.

عليه أزكى الصلاة والسلام.

والأمازيغية قيم أسي رشيد وليست إولون.

هو ذا جانب من ثروتي. وقد كنت فقيرا حقا حينما كنت فقير الروح، وحينما استبدت بي الأهواء وغرني السراب. كنت فقيرا فتجرأ علي المرجفون، مما أشرت إليه من “طرد” بنعيسى لي من سفارة المملكة المغربية بواشنطن. وليتك تعرف الملابسات. هم بنعيسات أسي رشيد، وقد آنسوا فقري الروحي وضعف السند. وتلك قصة تطول. . . هو فقري الروحي الذي جعلني أهون. هو ذا الفقر الذي أخشاه، لا ما أشرت إليه من عجزي عن أداء كأس قهوة، أو حتى كأس “روج” في “البادية” أو شريبان لو أردت الإيضاح. فلست من الصنف الذين يتنكرون لماضيهم أو يخفوه .كلا. وحتى لما بدت علي “آثار النعمة” وأخذت أرتاد المطاعم الباذخة كبول، حيث التقينا ذات مساء ولى، كنت فقيرا أ السي رشيد فغلبتني خفافيش الظلام. واغتنيتُ يا السي رشيد بعد فقر حينما أيقنت، مثل لبيد، أن كل شيء ما عدا الله باطل . هو ذا الغنى الحق. أما خطاياي، وهي جليلة، فأضرع إلى من رحمته وسعت كل شيء ليتجاوز عني بفضله.

ليس لي “سعة” معلوماتك عني يا ألسي رشيد، وما أعرفه عنك شيء واحد وحيد، ولكنه دقيق… للغاية..يؤلمني أن تكون حاكي الصدى بتعبير المتنبي لجهات خفية. يؤلمني ما آليتَ إليه. أتعرف قصة فوست في رائعة من روائع جوته، لقد سئم الفيلسوف فوست الوحدة والعجز، فأغراه الشيطان ميفيستوفليس بالغانية كاترينا وبالفتوة والقوة والمال مقابل روحه. هل تعرف ما حدث للحكيم فوست في نهاية المطاف ؟ فقد روحه، ولم ينل بغيته من كاترينا إذ ولت عنه، ولو هو حظي بفترة عابرة من متعة وسراب مجد.

لن تعرف يا السي رشيد الأجهزة معرفتي بها. ولن تعرف البنية الذهنية للقيّمين عليها. فهم، يقومون بعمل لا مندوحة عنه في دواليب الدولة، وفضلا عن ذلك فهم أشخاص يضطربون في المجتمع، لهم علائق ولهم أحاسيس ولهم رؤى، وهم إلى ذلك براغماتيون. وأخشى ما أخشى أن يتحولوا عنك وقد أضحيت عبئا. سيلقون بك كما يلقى به سقط المتاع بلا إرعاء، وأخشى يومها أن ينفض عنك صحافيوك جريدتك. وها هنا أهنئك بالمناسبة على ُنجحك في استقطاب خيرة الصحافيين المغاربة، وأعرف بعضا منهم، وأعرف قيمهم وأخلاقهم، وأستمتع بقراءتهم. أخشى أن ينفضوا عنك ألسي رشيد، لأن رأسمالهم هو مصداقيتهم، وهي أسمى من ضرورات العيش . . وهم يعلمون أن قلاع الزيف تتهاوى يوما عن يوما وأن الحقيقة تطاردها في عزم وإصرار وتزحف نحوها زحف النور على الظلام.

ليس يضير الحسناء أن ُتفتض بكارتها أسي رشيد، بل ذلك قدرها لتفيض بالحياة وفق علاقة شرعية معلومة. وما قولك فيمن تتعفف عن تقديم مقدمتها إبقاء لبكارة مزعومة وتبذل مؤخرتها. ما رأيك، أنت صاحب النظر الحصيف، والقول الفصل والرأي السديد ؟

وأنا أشاطرك الرأي أن لا أحد فوق المساءلة فيما يضطلع به من مهام، ولست فوق المساءلة، وفق شروط موضوعية ومهنية. أما الإرجاف فلا يضيرني البتة. لأن ما أدركت في مسرى حياتي هو أجل من أن تنال منه هراش الجراء (جمع جرو). وكنت فيما سلف أتأذى من ترخصات المرجفين. وجانب من ثروتي أسي رشيد هو أني اليوم أهزأ بالأراجيف والتقولات والتخرصات وأنظر إليها وإلى أصحابها بازدراء شديد.

وأنا في كل الأحوال أربأ بنفسي أن أبذل ما هو ملك للدولة من أسرار تكون موضوعا للسجال، لأني أؤمن بأخلاقيات الدولة وهيبة الدولة وحرمة مؤسساتها.

مذمتك لي يا السي رشيد شهادة. أتحفظ بعضا من شعر المتنبي ؟

لك مني أزكى التحية، ودعائي لك بالخلاص من ربقة يؤذيني أن أراها عالقة في عنقك. فللصحافة علي دين وقد آوتني وأنا مهيض الجناح صفر اليدين. وكان مما تعلمته في دار المخزن التي أعتز بأني درجت في رحابها، ما علمنا إياه نسيج وحده الحاج امحمد باحنيني رحمه وهو يتلو على مسامعنا بيتا لأبي نواس :

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في الموطن الخشن

ولم أنس دين الصحافة علي.

آه نسيت شيئا، هو أنك تجد في شعري رداءة، وأنت معذور في ذلك، فقديما قال المتنبي هذا البيت، وما أصدقه :

ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلالا “.